تقاريرحقوقمجتمع

أزمة مزدوجة.. تغير المُناخ في ليبيا يُهدد بالمزيد من حركات النزوح

تقرير: سلمى نصر الدين

 

قرابة 3000 آلاف نزح من الكُفرة وربيانة (جنوب شرق ليبيا) بفعل الأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد في 11 أغسطس/ آب الجاري، بحسب مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، على إثر ذلك أُعلنت حالة الطوارئ في جنوب ليبيا على أن تستمر حتى انتهاء الطقس السيء.

 

الفيضانات والأمطار هذا الموسم، أعادت للأذهان ما حدث في سبتمبر العام الماضي، حين تسببت عاصفة دانيال في نزوح قرابة 50 ألف شخص وسقوط نحو 4000 آلاف ضحية، وتدمير مدينة درنة. وصرح وقتها جاغان تشاباغين، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قائلًا: ما حدث في درنة يجب أن يكون إنذار للعالم بشأن الخطر المتزايد للفيضانات الكارثية في عالمٍ يتغير بسبب تغير المناخ.

 

النزوح وتغير المناخ في ليبيا

بحسب مركز رصد التشرد والنزوح فإنه منذ عام 2008 وحتى 2023 نزح 62 ألف شخص بفعل الكوارث المناخية، قرابة 9 من كل 10 نازحين خلال الـ 15 عامًا الماضية نزحوا بسبب عاصفة دانيال.

 

تواجه ليبيا أزمة مزدوجة، فهي بلد متأثر بالصراع على مدار 13 عامًا، ترك أثرًا على البنية التحتية للبلد، تقول كريستينا بوري باحثة مشاركة في دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، في مقال لها، أن إعصار دانيال هو مثال على التهديد المضاعف الذي تواجهه ليبيا، فبسبب الحرب تُركت البنية التحتية للبلاد ضعيفة، وحين اجتاحت الأمطار والعواصف درنة انهار سدين بالقرب من المدينة الساحلية المنكوبة التي يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، وأدت هذه الأزمة إلى تفاقم أزمة قائمة. حتى قبل العاصفة، احتاج حوالي 300 ألف شخص في ليبيا إلى مساعدات إنسانية.

 

أكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2022، أن الظواهر الجوية المتطرفة تدفع بشكل متزايد إلى النزوح في جميع مناطق العالم، بما في ذلك منطقة جنوب البحر المتوسط، والتي تضم ليبيا. بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، فإنه وفقًا للسيناريو الأكثر تشاؤمًا من المتوقع أن تسبب أزمة المناخ في نزوح 216 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2050، من بينهم 13 مليونًا ستركون ديارهم في شمال أفريقيا بفعل الكوارث المناخية وانعدام الأمن الغذائي والمائي والصحي والبشري المرتبط بها.

 

وفي أسوأ تقديرات التقرير، يمكن أن تتصاعد الهجرة الناجمة عن المناخ إلى ما يصل إلى 6٪ من إجمالي سكان منطقة شمال إفريقيا، ويمكن اعتبار ما يقرب من نصف جميع المهاجرين الداخليين مهاجرين بسبب المناخ.

ليبيا كدولة لجوء

يُشير التقرير إلى أنه بحلول عام 2050 ستكون مناطق جنوب المتوسط “مناطق ساخنة” للهجرة المناخية، بسبب ارتفاع منسوب البحر والنقص الشديد في المياه، وستتأثر المناطق الساحلية في تونس والمغرب ومصر والجزائر. وسيتم تهجير المهاجرين المرتبطين بالمناخ قسراً نحو المناطق الحضرية مثل الجزائر وتونس والقاهرة وطرابلس والدار البيضاء والرباط وطنجة، مما قد يؤدي إلى نمو سكاني غير متناسب وضغوط خطيرة على موارد المدن وتخطيطها.

 

وفي هذا الصدد، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، مؤخرًا إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة تغير المناخ، وهو أحد أكبر العوامل المساهمة في تفاقم أزمة الهجرة القسرية في العالم بسبب تأثيره السلبي على سبل عيش الناس وإنتاجيتهم في المواقع المعرضة بشدة.

 

آثار تغير المناخ على ليبيا

بحسب المجلس الأطلنطي (منظمة أمريكية مستقلة) فإن لتغير المناخ آثار على الأمن الغذائي والمائي لدولة ليبيا، وعددّ المجلس الأضرار الناتجة عن أزمة المناخ وهي: معاناة البلاد، حاليًا، من ارتفاع مستويات سطح البحر وتآكل الشواطئ والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة وتفاقم ظروف الجفاف.

 

كما أن ليبيا أكثر تأثرًا بارتفاع درجات الحرارة، كونها تقع في جنوب البحر المتوسط، وبسبب طبيعة البحر الأبيض المتوسط ​​الضحلة نسبيًا، وتحيط بها كتل أرضية كبيرة. وفي حين ارتفعت درجات الحرارة العالمية بالفعل بمقدار 1.02 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، بحلول عام 2020 – مقارنة بعام 1880 – شهدت منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط ​​زيادة أكثر وضوحًا بمقدار 1.5 درجة مئوية، وفقًا لأرقام إدارة الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) لعام 2021.

 

وتُعد ليبيا هي سادس أكثر دولة تُعاني من نقص المياه حول العالم، ويُساهم ارتفاع درجات الحرارة وغياب سياسة أو خطة شاملة للمياه في وضع البلد تحت ضغط مائي كبير، وتشير التوقعات لعام 2040 إلى أن ندرة المياه من المرجح أن تشتد، مما يمثل تحديًا هائلاً لأمن المياه والتقدم الاقتصادي في البلاد. ويشكل خطر نضوب المياه الوشيك تهديدًا خطيرًا للقطاع الزراعي، الذي يوظف ربع السكان في المناطق الجنوبية من ليبيا.

كما تواجه ليبيا تحديات كبيرة عند التكيف مع تأثيرات تغير المناخ العالمي، وذلك في المقام الأول بسبب سماتها الجغرافية وقدرتها المحدودة على الحكم الفعال. في الوقت نفسه، يعتمد اقتصاد البلاد بشكل كبير على إنتاج وتصدير الهيدروكربونات، وكلاهما مصدر رئيسي للدخل.

ويُشير المجلس أنه بفعل الأزمة السياسية المستمرة فإن الاهتمام بتغير المناخ وآثاره سيظل منخفضًا، ولكن على المسئولين إيجاد بدائل للوقود الأحفوري وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة.

 

اطلع على المزيد

الكوارث المناخية في أفريقيا تدفع الأفراد للهجرة بحثًأ عن حياة أفضل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى