تقارير
أخر الأخبار

أعياد مسلوبة الفرحة.. المهاجرين الإثيوبيين في اليمن يستقبلون عيد الأضحى دون أضاحي أو زينات

اليمن: إياد البريهي

 

نحتفل بعيد الأضحى بإمكانيات ومظاهر بسيطة لإحياء السنة الإسلامية ونعزز شعور الانتماء والهوية في إثيوبيا في ظل تشتت عائلاتنا وبعدنا عن ديارنا  بتلك الكلمات يسرد حمدي علي، مهاجر إثيوبي،  كيف يقضي عيد الاضحى في مخيم الجفينة في محافظة مأرب شرق اليمن.

ويواصل حمدي علي حدثيه لـ المهاجر، قائلًا: ما زلنا نتمسك بالصلاة جماعة في أماكن متفرقة والزيارات البسيطة حيث لا نجد أماكن للتجمع الكبير.

استطاع حمدي شراء أضحية العيد، وكان أوفر حظًا من العديد من المهاجرين بالمخيم، الذين ينتظرون أن توزع الجمعيات والمنظمات الإنسانية في مأرب اللحوم ضمن المساعدات التي تقدمها للنازحين والمهاجرين. ورغم قدرة حمدي على شراء الأضحية إلا أنه لم يستطع شراء ملابس وألعاب وحلوى لأطفاله، واصفًا ذلك الأمر بأنه يسبب له الحزن.

 

اللجوء والعيش في المخيمات أجبر حمدي وآلاف اللاجئين والمهاجرين الإثيوبيين على التخلي عن كثير من العادات، يقول حمدي: في إثيوبيا  حيث كنا نجهز بعض المظاهر قبل العيد والتي تشمل تزيين المنازل وإعداد أطباق مفضلة من الكعك وكسوة الأطفال وشراء اضحية. مضيفًا كان من المعتاد تبادل الهدايا وأضاحي اللحوم بين أفراد العائلة والجيران.

 

ويكمل وصف مظاهر العيد في إثيوبيا قائلًا: العيد  فرصة  في إثيوبيا للسفر للاحتفال مع الأهل والأقارب كما تقام زيارات متبادلة، لكن اليوم اقتصرت الزيارة على أجزاء في المخيم كوني امتلك  خيمة واحدة.

ويستغرب حمدي من عدم وجود جهة تدعم المهاجرين ليتمكنوا من العيش بكرامة ويقيمون أفراحهم بالمناسبات الإسلامية رغم وجود منظمات كثيرة باسمهم لكن وقت الشدة لا يجدون من يقف معهم.

حسب التقرير السنوي للوحدة التنفيذية لإدارة شؤون النازحين فأنه يعيش مليونان و59 ألف و752 نازح في مخيمات مدينة مأرب، ويبلغ عدد المهاجرين غير النظاميين 37 ألف و541 مهاجرًا، عاد منهم بشكل طوعي ألفان و400 مهاجر ولاجئ.

 

طقوس منقوصة

تواجه العائلات اللاجئة الإثيوبية في اليمن تحديات كبيرة في الاحتفال بعيد الأضحى في ظل ظروف معيشية  صعبة داخل المخيمات  من نقص التمويل الغذائي وندرة التمويل المالي وصعوبة توفير احتياجات الأطفال والتأثير النفسي والعاطفي.

وتمنع هذه الأزمات المهاجرين من الاحتفال بأعيادهم وإقامة طقوسهم مما قد يؤثر على صحتهم النفسية والشعور بالعزلة. 

لم يختلف وضع عائشة، مهاجرة إثيوبية، تقطن في مخيم الرميلة في اليمن، عن حمدي. تقول عائشة لـ المهاجر أجبرتني الحياة بمخيمات مأرب التخلي عن أغلب مظاهر وعادات العيد ومنها الكعك والحلويات بسبب افتقارنا لأبسط الإمكانيات رغم أن هذه العادة في إثيوبيا.

 

وتواصل عائشة حديثها قائلة: نحن بحاجة إلى دعم يليق بما واجهناه في هجرتنا وتحملنا مخاطر الوصول. تحتاج عائشة إلى تدريب وعمل ضمن الحرف والبرامج المخصصة للمهاجرات؛ لكي تتمكن من خلالها مساعدة زوجها الذي يعمل في حمل المواد الغذائية لدى أحد تجار مدينة مأرب.

كما تواجه عائشة صعوبة كبيرة في تعليم أطفالها والحصول على مدارس تستوعبهم كونهم مهاجرين بطريقة نظامية.

 

تُشير بيانات الوحدة التنفيذية لإدارة شئون النازحين أن هناك 87 ألف و447 أسرة في حاجة إلى غذاء، و110 ألف أسرة بحاجة لمساعدات نقدية، وقرابة 44 ألف أسرة في حاجة لتمكين اقتصادي، وتحتاج 24 ألف أسرة لمساعدات نقدية متعددة الأغراض، فيما يحتاج 22 ألف طفل إلى مشروعات حماية الأطفال.

مساعدات غذائية ومعنوية

وفي هذا السياق، يُصرح سيف مثنى مدير الوحدة التنفيذية لإدارة شؤون النازحين قائلًا: إن اللاجئين يتلقون مساعدات متنوعة تشمل الغذاء، المياه، الرعاية الصحية، والتعليم، والحماية وتوزيع المساعدات تكون  عبر منظمات الأمم المتحدة مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) والهجرة الدولية، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية محلية ودولية.

وأكد مثنى أن اللاجئين يخضعون لبرامج الدعم النفسي والاجتماعي، التعليم للأطفال، التدريب المهني للبالغين، وبرامج تمكين المرأة والتي تهدف الى  تحسين جودة حياة اللاجئين وتعزيز قدرتهم على الاعتماد على الذات.

وأشار إلى أن الاستجابة الفعّالة للاحتياجات المتنوعة للاجئين والمهاجرين تتطلب تنسيقاً مكثفاً بين الحكومات، المنظمات الدولية، والمحلية، والمجتمعات المستضيفة.

 

رُغم الجهود المذكورة من مدير الوحدة التنفيذية لإدارة شئون النازحين في مأرب، إلا أن المهاجرين يعيشون في  قطاعات عشوائية  بمدينة مأرب يحاصرهم قلة الغذاء والمياه النظيفة والمأوى المناسب ومياه الصرف الصحي مما يجعلهم فريسة لكل الأمراض والأزمات.

وذلك دفع حنان النوبي فتاة سمراء لقيادة مبادرة “رنين المستقبل” لدعم المهمشين في مأرب. تقول المهمشين والمهاجرين هم من يحتاجون للمساعدات أكثر من غيرهم كونهم الشريحة الأضعف ويعانون من التهميش.

وتضيف في حديثها مع المهاجر، تقوم المبادرة بتوزيع ما تلاقيه من دعم بسيط للمهمشين والمهاجرين في مخيمات مأرب. مؤكدة على أنها ساهمت في توزيع كسوة العيد وتتمنى أن تلاقي تفاعل لتخفيف الصعوبات وتزرع البسمة في وجوه أطفالهم، كما وزعت الأضاحي التي حصلت عليها اليوم من الجمعيات.

 

ظروف قاسية تُعيق الاحتفال

يتمسك المهاجرين الأثيوبيين بهويتهم الثقافية وترسيخ انتمائهم لمجتمعهم الأصلي بالاحتفال بالعيد رغم الصعوبات التي تواجههم في توفير احتياجات العيد.

يقول المهاجر  عثمان أب لطفلين في مخيم الجفينة: عندما احتفل  اقدر  استرجاع ذكريات سعيدة وأشعر بالراحة والاطمئنان في ظل الوضع الصعب بمخيمات اليمن  ونتطلع للمستقبل والأمل في العودة الآمنة إلى وطننا.

 

ويضيف عثمان اكبر عائق يمنعنا عن الاحتفال هو أننا نعيش في ظروف قاسية داخل مخيم الحامي والذي تقطنه أكثر من 300 أسرة مع نقص في الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية. هذا يجعل من الصعب علينا إعداد الوجبات التقليدية للعيد أو ترتيب أنشطة ممتعة لأطفالنا.

ويواصل عثمان حديثه لـ المهاجر: اليوم أصبحت عاجزًا عن الخروج  بعائلتي إلى الحديقة بالمدينة لعدم امتلاكي القدرة المالية وتكاليف الخروج لذا اضطر ملازمة المخيم وهذا يؤثر على صحتنا النفسية في حال عجزك أمام متطلبات سعادة أسرتك.

يُضيف: اتواصل  مع عائلتي في إثيوبيا عبر برامج التواصل المرئية واشوفهم مبسوطين مجتمعين وهذا يكفي لسعادتي بينما بالواقع أشعر  بالعزلة الاجتماعية وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع المضيف خلال فترات الأعياد وهذا يؤثر سلبًا على الصحة النفسية  ويزيد من مشاعر القلق والاكتئاب لدينا.

يدعو عثمان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتحسين أوضاع اللاجئين والمهاجرين في في كل البلدان.

ويأمل بأن تتمكن الحكومة اليمنية والمنظمات الإنسانية من توفير مساكن آمنة وكريمة لهم، بعيدًا عن مخيمات النزوح المؤقتة وإعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم والكهرباء والمياه النظيفة.

يطمح عثمان بالحصول على وظائف ثابتة تضمن لهم دخلاً كافيًا لسد احتياجاتهم الأساسية، وتمكنهم من إعالة أسرهم بكرامة.

وختم عثمان حديثه اتمنى سماع خبر نهاية الصراع المستمر في اليمن وبلادنا الأصل وعودة الأمن والاستقرار ال ونعود إلى ديارنا بأمان.

 

آلاف اللاجئين العالقين في اليمن

حسب تقرير منظمة الهجرة  الدولية أصبحت مدينة مأرب الواقعة بالقرب من الخطوط الأمامية، نقطة عبور ونزوح للمهاجرين حيث يجد الآلاف أنفسهم عالقين، وغير قادرين على التنقل في الخطوط الأمامية الغادرة أو أنهم محتجزون لدى المهربين.

 واشارت المنظمة ان  النساء تواجه ضعفا متزايدا، وغالبا ما يتحملن العنف الجنسي ويواجهون المهمة الصعبة المتمثلة في رعاية الأطفال الرضع في ظروف معيشية قاسية.

 

لطالما كانت اليمن نقطة عبور ووجهة مهمة للمهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى فرص معيشية أفضل في دول الخليج على الرغم من الصراع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن إلى جانب التوترات الأخيرة في البحر الأحمر، فقد تضاعف عدد المهاجرين الذين يصلون سنويًا ثلاث مرات من عام 2021 إلى عام 2023، حيث ارتفع من حوالي 27 ألف إلى أكثر من 90 ألف.  

وأكدت الهجرة الدولية أنه من  المتوقع  في عام 2024، يحتاج أكثر من 300 ألف مهاجر، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية، وخاصة النساء والفتيات. ومع محدودية فرص الحصول على الغذاء أو المأوى أو العمل، تظل محنة المهاجرين وخيمة، وهم ينتظرون فرصة العودة إلى ديارهم. 

كما أكدت تعاون فرق المنظمة الدولية للهجرة في اليمن وإثيوبيا بشكل وثيق لتسهيل عودة وإعادة إدماج أكثر من ألف و700 مهاجر ينتظرون دعم VHR بشكل عاجل.

ينبغي تسهيل كل الصعوبات أمام المهاجرين ليتمكنوا من الحياة وصناعة فرحتهم والحرص على إقامة طقوسهم وعاداتهم في كل البلدان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى