الاختفاء القسري والعنف الجنسي يهدد حياة النساء في السودان
“لا يوجد أمان في أي مكان في الجنينة. غادرت منزلي لأنه كان هناك إطلاق نار في كل مكان ولكن كان علي العودة إلى المنزل للحصول على بطانية لبناتي، واغتصبني هؤلاء المجرمون. الآن أنا خائفة من أن أكون حاملاً… الآن أخشى ذلك، لا يمكنني التعامل مع ذلك”. تلك مأساة سيدة سودانية 25 عامًا تعرضت للاغتصاب على يد 3 من أعضاء ميليشيا التدخل السريع، بعدما أجبروها على الدخول لأحد مكاتب السجل المدني وتناوبوا على اغتصابها.
توثق تلك القصة لمعاناة السيدات والفتيات في السودان، اللائي يتعرضن لعنف جنسي يصل حد الاختطاف والاختفاء القسري والاستعباد الجنسي يُمارس من أفراد ميليشيا التدخل السريع، بحسب ما وثقته منظمات أممية ودولية معنية بحقوق الإنسان، ومنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
اختطاف واختفاء قسري للنساء في السودان
في مطلع أغسطس/آب الجاري نشرت منظمة صيحة (مستقلة معنية بحقوق المرأة في إفريقيا) تقريرًا أشارت فيه بورود معلومات لها باختطاف واختفاء قسري لنساء في السودان وحجزهن كرهائن وإطلاق سراحهن مقابل فدية مالية.
وقالت المنظمة أن شاهد عيان في منطقة الفاشر بإقليم دارفور أكد أن قوات الدعم 3 نساء أو فتيات (لم يستطع تحديد أعمارهن) إلى محلية دار السلام، حيث ناشد المواطنين القوات بإطلاق سراح الفتيات، ووافق الجنود مقابل فدية 30 مليون جنيه سوداني.
وأضاف شاهد العيان للمنظمة أن الفتيات ثمّ أُعطينَ هواتفًا محمولة للاتصال بأسرهم في الخرطوم لدفع المبلغ المطلوب. بعد مزيد من المفاوضات، تم دفع ما مجموعه 21 مليون جنيه سوداني، وتم بعد ذلك إطلاق سراح الفتيات الثلاثة. استقلّت الفتيات المُفرج عنهنّ حافلات من الفاشر عائدات إلى الخرطوم.
أكد مصدر آخر أنه رأى العديد من النساء أو فتيات اخريات مقيدات ومحتجزات في سيارات في منطقة ودعة، شمال دارفور، جنوب شرقيّ الفاشر. وذكر أن هذه الحوادث علنية.
وقال: “لا يمكن لأحد أن ينكر أنها تحدث … الجميع في ودعة رأوا هذا، كلنا رأينا هذا”. كما أضاف أن النساء والفتيات بدونَ وكأنهن من شمال السودان.
وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير “الموت يأتي إلى ديارنا” اختطاف أفراد قوات الدعم السريع مجموعة مؤلفة من 24 امرأة وفتاة بالقرب من موقع يعيش فيه العديد من الأشخاص المشردين بسبب النزاع في العقود السابقة واقتيدوا إلى فندق احتُجزوا فيه في ظروف ترقى إلى مستوى الاسترقاق الجنسي لعدة أيام اغتصبهم خلالها عدد من أفراد قوات الدعم السريع.
في جولة داخل الصفحة الرسمية لمنظمة صيحة، توجد منشورات، تُنشر يوميًا لنساء وفتيات من السودان مختفيات، ويُعتقد في الأغلب أنهن مختطفات من قوات الدعم السريع.
جرائم حرب
ينتهك اختطاف الأشخاص واحتجازهم/ن مقابل فدية أو بيعهن/م في الأسواق قانون حظر الرق والقانون الدولي الإقليمي لحقوق الإنسان، كما تنتهك المادة 3 المشتركة من اتفاقية جنيف لعام 1949 واتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في أوقات الحرب، وكما أن أخذ الرهائن والاسترقاق هي جرائم ضد الإنسانية بموجب الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
وبالإضافة إلى ذلك، تحظر المادة 30 من دستور السودان الرق وتجارة الرقيق بجميع أشكاله وتنص على أنه لا يجوز استرقاق أي شخص. وتجرم المادة 310 من قانون العقوبات أيضا شراء، بيع، استئجار، تأجير، حيازة أو التخلص من الأشخاص بقصد أو مع العلم أنه سيتم استخدامهم لأغراض غير أخلاقية.
حتى 1 أغسطس وثقت صيحة حوالي 47 حالة عنف جنسي مؤكدة، كما وثقت مكافحة العنف ضد المرأة والطفل 60 حالة في الخرطوم فقط، وجميعهم من قبل قوات التدخل السريع.
ووفقًا لذلك طالب خبراء أمميون قوات الدعم السريع إثبات تعهدها بالالتزامات الإنسانية والحقوقية بما في ذلك منع وقوع العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى تيسير الوصول الإنساني ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وذكـّر الخبراء طرفي الصراع في السودان بضرورة امتثال المقاتلين بشكل صارم للقانون الدولي، وحثوهما على التوصل إلى حل سلمي للصراع. ودعوا المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق في الانتهاكات المزعومة.