أصدرت المحكمة الجنائية الدولية برئاسة المدعي العام كريم خان قرارًا باعتقال كلا من رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع المُقال من حكومة نتنياهو، يوآف غالانت، وذلك لارتكابهما جرائم حرب في غزة.
وذكرت دائرة المحكمة، في بيانين أصدرتهما يوم الخميس الموافق 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أن مذكرات الاعتقال تُصنف على أنها “سرية”، لحماية الشهود وضمان سير التحقيقات، ومع ذلك، قررت إصدار المعلومات الواردة في بيانها “لأن السلوك المماثل للسلوك الذي تناولته مذكرة الاعتقال يبدو أنه مستمر”. وأضافت أنها ترى أنه من مصلحة الضحايا وأسرهم أن يتم إعلامهم بوجود مذكرات الاعتقال.
واعتبرت المحكمة أن السلوك المزعوم لنتنياهو وغالانت يقع ضمن اختصاص المحكمة. وأشارت إلى أنها قررت بالفعل أن اختصاص المحكمة في هذا الوضع يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
الاتهامات ضد نتنياهو وغالانت
وعن اعتقال نتيناهو وغالانت قالت المحاكمة أنها وجدت أسباب معقولة للاعتقاد بأنهما يتحملان المسئولية الجنائية عن الجرائم المرتكبة باعتبارهما مشاركين في ارتكاب أفعال بالاشتراك مع آخرين تتمثل في:
- جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب؛
- والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
ووجدت الدائرة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية باعتبارهما مسؤولين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين.
ما هي جرائم الحرب؟
تعد جرائم الحرب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني يترتب عليها مسئولية جنائية فردية بموجب القانون العام.
وتشمل جرائم الحرب الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وكذلك انتهاك القوانين والأعراف التي تُطبق في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية.
وتختلف جرائم الحرب عن الجرائم ضد الإنسانية، في أن الأولى ترتكب أثناء الحروب والصراعات وفي سياق حرب، سواء أكان الصراع المسلح له طابع دولي أو غير دولي.
أقرأ أيضًا|تقرير أممي يُطالب بإجراء تحقيقات عادلة ومستقلة في جرائم الحرب المرتكبة بغزة
تخضع الحروب للقانون الدولي الإنساني والمعروف باسم قانون الحرب، وهو مجموعة من القواعد تسعى لأسباب إنسانية للحد من آثار الحرب، ويشكل جزء من القانون الجنائي الدولي انتهاكه يعد جريمة حرب.
ويطبق القانون الإنساني الدولي في النزاعات المسلحة لحماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال مثل: المدنيين أو العاملين في المجالين الطبي والديني، وكذلك أولئك الذين توقّفوا عن القتال أو غير القادرين عليه، مثل أسرى الحرب أو الجرحى والمرضى. كما أنه يقيد وسائل وأساليب الحرب، ويحظر استخدام أنواع معينة من الأسلحة، والهجمات التي لا تميز بين أولئك/اللواتي الذين يشاركون في القتال ومن لا يشاركون فيه.
ماذا يشمل القانون الدولي الإنساني؟
- حماية الأفراد غير المشاركين في الصراع
تنظم اتفاقيات جنيف الحماية لـ 4 فئات الذين لا يشاركون في الصراع والأعمال المسلحة والعدائية والتي تضم:
- المرضى والجرحى من أفراد القوات المسلحة في الميدان (اتفاقية جنيف الأولى)
- المرضى والجرحى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار (اتفاقية جنيف الثانية)
- أسرى الحرب (اتفاقية جنيف الثالثة)
- المدنيين (اتفاقية جنيف الرابعة)
يجب احترام كرامة وحياة والسلامة البدنية والنفسية للأشخاص المشمولين بالحماية، ويُمنحوا ضمانات قانونية متنوعة، وأن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون التمييز في لون أو الدين أو العرق.
- فرض قيود على وسائل الحرب لا سيما الأسلحة وأساليب الحرب والخطط العسكرية
يحق لأطراف الصراع اختيار وسائل وأسلحة الحرب ولكنها ليست حرية مطلقة، وتنطبق القيود على نوع الأسلحة المستخدمة وطريقة الاستخدام.
يحظر القانون الدولي الإنساني وسائل وأساليب الحرب التي قد تتسبب في طبيعتها إصابات مفرطة أو أضرار ومعاناة لا ضرورة منها.
أقرأ أيضًا|هيومن رايتس ووتش: الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب ضد القطاع الطبي في لبنان
يُطالب القانون الدولي بمراعاة ثلاثة مبادئ هي:
مبدأ التمييز، والذي يطلب من أطراف النزاع ضرورة التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والأعيان المدنية من جهة والمقاتلين والأهداف العسكرية من جهة أخرى، وأن توجه الهجمات للأطراف العسكرية فقط، وذلك لحماية المدنيين والسكان والمنشآت المدنية، وتحظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين أو الأهداف المدنية أو الضربات العشوائية التي تضرب أهدافا عسكرية ومدنيين دون مراعاة مبدأ التمييز.
مبدأ التناسب، وهو مبدأ لملازم لمبدأ التميز ونتيجة مباشرة له، والذي يعني أنه عند ضرب أهدافًا عسكرية بألا تكون الخسائر العرضية في صفوف المدنيين مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية المتحققة من الهجوم.
مبدأ الاحتياط، ويتطلب ذلك المبدأ من أطراف النزاع توخي الحذر باستمرار من أجل تجنب إلحاق الضرر بالسكان المدنيين والأعيان المدنية أثناء سير العمليات العسكرية.
حظر تجويع المدنيين
يحظر القانون الدولي الإنساني أيضًا عدم إلحاق أضرار أخرى بالمدنيين منها التجويع والغدر، واستخدام أساليب وأسلحة تُلحق أضرارًا بالبيئة. كما يجب حماية الاعيان الثقافية والدينية، والمواد التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة، بما في ذلك المناطق الزراعية ومحطات المياه والأشغال الهندسية.
تنفيذ القانون الدولي الإنساني
تقع مسئولية تنفيذ القانون الدولي الإنساني على عاتق الدول التي عليها العمل لإنشاء نظام عدلي يطبق ويحترم قواعد القانون الدولي الإنساني، ويكون ذلك من خلال القوانين وفرض العقوبات على مخالفات القانون الدولي.
نشر مواد القانون وتعليمها في المواد الدراسية للقانونيين وأفراد القوات المسلحة، وتدريب وتأهيل الأفراد المعنيين بتطبيق مواد القانون.
نظام روما الأساسي والمحاكمة الجنائية الدولية
في يوليو/ تموز 1998، وبعد قرابة 50 عامًا من اتفاقيات جنيف ومحاولات الدول لإنشاء محاكمة جنائية تختص بمحاكمة مرتكبي الجرائم خلال فترات الحروب، اعتُمد نظام روما الأساسي صادقت عليه 123 دولة وفي 2015 انضمت الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى النظام، فيما لا تعترف به كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، والصين، وروسيا، واليمن.
بموجب النظام أنشئت المحاكمة الجنائية الدولية لمعاقبة الأفراد مرتكبي الجرائم، وهي على عكس محكمة العدل الدولية التي تختص بفرد عقوبات على الدول وليس الأفراد.
بحسب نظام روما عُرفت جرائم الحرب على أنها أي انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 1949.
لا تمتلك المحاكمة الجنائية أفراد شرطة للقبض على المُدانين في الجرائم ولكن تعتمد في ذلك على تلتزم جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وعددها 124 دولة بموجب النظام الأساسي للمحكمة باعتقال وتسليم أي فرد صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة إذا وطئت قدماه أرض الدولة.
وعلى إثر ذلك حث المدعي العام للمحاكمة الجنائية الدولية الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف التي أصدرتها بحق كل من رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت.