تقاريرحقوقمجتمع

عام على إعصار درنة.. ولا يزال الضحايا بلا مكان للإيواء

تدمر المنزل الذي كنا نسكن به بالكامل. كنت وعائلتي نعيش في مبني صغير من طابقين، ونقطن نحن بالطابق الثاني. ليلة الفاجعة تفاجأنا بهطول الأمطار، لكن لم يكن ارتفاع منسوب مياه الوادي كالمعتاد وكان المنظر مرعباً. شعرنا أنه خال ثوان وصلت المياه للدور الثاني ثم انهارت ثلاثة من جدران المنزل، تمكنا من النجاة لكن البيت تحطم. حتى أثاثنا ومقتنياتنا ذهبت مع السيل. ولم يعد المنزل صالحا للسكن. بتلك الكلمات سردت انتصار إحدى الناجيات من إعصار درنة الذي ضرب ليبيا في 11 سبتمبر عام 2023.

في الساعات الأولى من يوم 11 سبتمبر 2023، فوجئ أهالي مدينة درنة في ليبيا، بهطول أمطار غزيرة على المدينة الساحلية تابعه سيل جارف وفيضان أسقط ما يزيد عن 40 ألف قتيل بينما عشرات الآلف غيرهم فقدوا بعدما ابتلاعهم مياه الفيضان وجرفتهم إلى مياه البحر المتوسط.

 

لا مسكن للنازحين

تُكمل انتصار حديثها -في شهادة وثقتها منظمتي رصد الجرائم في ليبيا ومحامون من أجل العدالة في ليبيا– قائلة: بالتأكيد كنا نلهث في الساعات الأولى بحثاً عن ملاذ آمن وكان الخيار الأول منزل أسرتي الواقع بمنطقة أقل تضررا بالمدينة. بقينا هناك لأسبوعين، لكن المنزل كان ضيقا وقرر زوجي أن نبحث عن مكان بديل للسكن حتى ولو بالإيجار، كنا نسمع من الناس أن الحكومة ستوفر سكناً بدياً لمن فقد مسكنه. توجهنا لبنغازي لنكون قريبين من الإدارات الحكومية المعنية بالإحصاء والحصر. لكن ما إن وصلنا كانت جميع الأماكن المخصصة للاستئجار مشغولة بسبب كثرة النازحين. لم يخبرنا أحد أين نتوجه فبقينا في السيارة بالقرب من جامع. أعطانا الخيرون مقر خلوة المسجد (قسم تحفيظ القرآن) واضطررنا للبقاء أسبوعاً كاملاً فيها!

تُضيف: ثم قيل لنا أن هناك شاليهات في مصيف المنقار ببنغازي للنازحين من درنة وهو مصيف ملك خاص تم فتحه للنازحين مجاناً، وأعطيت لنا إحدى الشاليهات السياحية الصغيرة من قبل لجنة حصر النازحين. لكن لجنة النازحين أخرجونا منها بعد شهرين لأن أصحابها طلبوا ذلك دون توفير أي بديل من قبل اللجنة. كنا وقتها قد تمكنا من إيجاد شقة بأحد أحياء وسط بنغازي ولا زلنا نسكن فيها حتى الآن، وهي شقة غير ملائمة صحياً وتتكون فقط من غرفتين صغيرتين وبالتالي لا تناسب عدد أفراد اسرتنا كما أنها قديمة وتقع ضمن حي شعبي مكتظ وأجارها مرتفع قياساً بمواصفاتها، قبيل الاستئجار ببنغازي أي بعد شهرين كاملين، كانت المرة الأولى التي قابلنا لجنة الحصر التابعة للحكومة التي جمعت منا البيانات فقط ثم لم تعد هناك أية جهة حكومية مهتمة بوضعنا كنازحين من غير أي قدرات مالية. ماذا فعلو بالبيانات ومتي سينوون استخدامها للمساعدة لا أعلم؟

أقرأ أيضًا| أزمة مزدوجة.. تغير المناخ في ليبيا يُهدد بالمزيد من حركات النزوح 

انتهاكات حقوق الإنسان

تأتي شهادة انتصار ضمن 11 شهادة لنازحين/ات من مدينة درنة بسبب تابعات الإعصار الذي دمر المدينة، وثقت منظمتي رصد الجرائم في ليبيا ومحامون من أجل العدالة في ليبيا عبر شهادات الناجين/ات “مدى تقاعس السلطات الليبية سواء في الشرق أو حكومة الوحدة الوطنية في الغرب في عدم تقديم استجابة ملائمة للفاجعة وتوفير الحماية والدعم الإغاثي الكافي والمناسب، وفشلها في حصر الاحتياجات الأساسية بشكل منظم واعاقتها إيصال المساعدات الطارئة مما فاقم من معاناة الناجين”.

 

أفادت المنظمتان في تقرير لهم أن الشهادات الحية للناجين/ات تعكس أنهم ما يزالوا يعانوا بسبب الفاجعة، والتي لا تزال مستمرة حتى الآن.

وأضافت: “فمنذ الدقائق الأولى للفاجعة مازال الضحايا يكابدون في سبيل الحصول على حقوقهم المشروعة: الحق في معرفة مصير ذويهم المفقودين، والحق في السكن الكريم الملائم، والحق في التعليم، والحق في الصحة الجسدية والنفسية، والحق في الانتصاف والجبر والتعويض، والحق في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي وحرية الصحافة، والحق في الوصول للعدالة وحق المساواة وعدم التمييز بين المتضررين.

وأكدت على أن هذه الانتهاكات تتعارض مع المادة 14 من الإعلان الدستوري الليبي والمادتين 9 و19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما يتجلى فشل السلطات في عدم توفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي المطلوب، مما ينتهك حقوقهم بموجب قانون الضمان الاجتماعي الليبي رقم 13 لسنة 1980. بالإضافة إلى ذلك، تم انتهاك حق السكان في المساواة وعدم التمييز، خصوصًا في توزيع المساعدات ومعاملة الفئات المستضعفة.

وتتعارض مع المادة 2 من الإعلان العالمي والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. هذه الانتهاكات تعكس فشل السلطات في الوفاء بالتزاماتها القانونية والدستورية في حماية حقوق الإنسان وضمان العدالة والمساواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى