د. عصام حامد
خبير في شؤون الأجانب ودكتوراه في قانون المرافعات – جامعة عين شمس
لا شك أن معاناة اللاجئين لا تنتهي بمجرد وصولهم إلى بلد اللجوء. فبعد ترك بلادهم ومحيطهم الاجتماعي والثقافي، يواجهون تحديات عديدة في بيئة جديدة غالبًا ما تكون مختلفة عن بيئتهم الأصلية. و تكمن أحد التحديات الرئيسية أمام اللاجئين في محاولة التعايش والاندماج في المجتمع المضيف.
وتعني عملية التعايش القدرة على التكيف مع الظروف الجديدة وبناء علاقات مع السكان المحليين. وقد يواجه اللاجئون صعوبات في فهم الثقافة والقيم واللغة الجديدة، ويجدون صعوبة في العثور على سكن وفرص عمل مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون تحديات اجتماعية ونفسية، مثل التمييز والعزلة والصعوبات في التعامل مع تجاربهم السابقة والصدمات النفسية التي عاشوها.
فتلعب منظمات المجتمع المدني دورًا مهمًا في تقديم الدعم العملي والنفسي لللاجئين، وتوفير فرص التعلم والتدريب والاندماج الاجتماعي.
وفي هذا الشأن لا يمكن إنكار دور الدولة المصرية في دعم اللاجئين وتقديم الحماية والمساعدة لهم حيث تتبنى مصر سياسة سخية تجاه اللاجئين، وتعمل على توفير الإقامة المحددة لهم وتمكينهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية فتقدم الرعاية الصحية والتعليمية لللاجئين على قدم المساواة مع المصريين، كما تتعاون مع منظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية لتقديم الدعم الإنساني والمساعدات الغذائية والإيواء لللاجئين.
أما عن دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دعم ادماج اللاجئين في مصر :
فالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشكل عام هي منظمة عالمية تكرس عملها لإنقاذ الأرواح وحماية الحقوق وبناء مستقبل أفضل للاجئين والمجتمعات النازحة قسرًا والأشخاص عديمي الجنسية، و تعمل على ضمان أن يتمتع كل شخص بحق التماس اللجوء والبحث عن ملاذ آمن، هرباً من العنف أو الاضطهاد أو الحروب أو الكوارث في وطنه، و تقدم المساعدة الهادفة لإنقاذ الأرواح وبناء مستقبل أفضل لملايين الأشخاص الذين نزحوا من ديارهم ، و يشمل ذلك بالطبع اللاجئين المقيمون على الأراضي المصرية.
وتضطلع المفوضية بأنشطة اللجوء المختلفة من استقبال وتسجيل وإصدار الوثائق وتحديد وضع اللاجئ بناء على طلب الحكومة المصرية وبالنيابة عنها. وأي شخص تعترف به المفوضية في مصر كلاجئ يخضع لحماية الحكومة المصرية. وتعمل المفوضية في اتصال وثيق مع السلطات في مصر لضمان تمتع كافة الأشخاص الذين يدخلون في نطاق اهتمامها بالحماية في مصر. وتتدخل المفوضية بالنيابة عن الأفراد والجماعات لحماية حقوقهم الإنسانية الأساسية، ويشمل ذلك عدم الرد القسرى والتمتع بالوصول إلى إجراءات تحديد وضع اللاجئ ومنع الطرد وكذلك منع الاحتجاز التعسفى وإطلاق سراح المحتجزين وتيسير إصدار بطاقات هوية ووثائق سفر اللاجئين وتوفير الحلول الدائمة الأكثر ملائمة للاجئين وملتمسي اللجوء. بما في ذلك العودة الطواعية إلى الوطن وإجراءات التدخل لتوفير الحماية .
فتعمل المفوضية على توفير الدعم والمساعدة لللاجئين والنازحين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في مصر. وتتعاون المفوضية مع شركائها لتنفيذ مشروعات وخدمات متنوعة لدمج اللاجئين في مصر والتي نبرز أهمها في النقاط التالية:
الحماية الدولية وتقنين الوضع:
تمثل الحماية الدولية حجر الزاوية في عمل المفوضية. وعلى صعيد التطبيق العملي، يعني هذا السعى لضمان تمتع اللاجئ بحقوق الإنسان الأساسية وضمان عدم إعادة أي شخص قسرًا إلى بلد يكون لديه أسباب للخوف من التعرض للإضطهاد فيه. وتعزز المفوضية الاتفاقيات الدولية لللاجئين وتراقب التزام الحكومات بالقانون الدولي للجوء .
ويقع على عاتق المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تحت سلطة الجمعية العامة وظيفة توفير الحماية الدولية، تحت رعاية الأمم المتحدة، لللاجئين الذين تشملهم أحكام هذا النظام الأساسي والتماس حلول دائمة لمشكلة اللاجئين من خلال مساعدة الحكومات والمنظمات الخاصة، بشرط موافقة الحكومات المعنية، في تسهيل الإعادة الطواعية لأولئك اللاجئين إلى الوطن، أو استيعابهم داخل مجتمعات وطنية جديدة .
فالمفوضية هي صاحبة الولاية و المسؤولة عن توفير الحماية الدولية لللاجئين في مصر، وتبقى المفوضية المنظمة الدولية الوحيدة ذات الولاية المحددة لحماية اللاجئين على المستوى العالمي. وبموجب نظامها والقرارات التالية للجمعية العمومية والمجلس الإقتصادي والإجتماعي ECOSOC وبالإقتران مع اتفاقية 1951، تتعلق مسؤوليات المفوض السامي أساسًا بمجموعات من الأشخاص والمعروفون بــ”الأشخاص الذين هم موضوع إهتمام للمفوضية “، ويتضمن هؤلاء بشكل عام اللاجئين وطالبي اللجوء .
وتتمثل ولاية المفوضية في كفاة حماية الأشخاص الذين يتبين أنه تتوافر لديهم معايير اللجوء وفقًا للمواثيق الدولية والإقليمية ذات الصلة، وأن تسعى، بالعمل مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، إلى إيجاد حلول دائمة لمشكلات اللاجئين .
فتعمل المفوضية على حماية اللاجئين في مصر ومساعدتهم، ويتمثل هدفها النهائي في العثور على حلول تسمح لهم بإعادة بناء حياتهم، ويعتبر إيجاد الحلول التي تمكّن اللاجئين من أن يعيشوا حياتهم بكرامة وسلام جزءاً أساسياً من عمل المفوضية، وقد تشمل العودة الطوعية إلى الوطن وإعادة التوطين والإدماج .
وأهم دور تقوم به المفوضية السامية هو تقنين وضع اللاجئين في مصر خاصة لمن دخل مصر بطريق غير شرعي، فمثل هذه الحالات ومن أجل تقنين وضعه ولتسهيل دمجه في الدولة المصرية يجب عليهم التوجه – كخطوة أولى وحصرية لتقنين وضع دخولهم- إلى المفوضية والتسجيل بها حتى يتم منحه بطاقة اللجوء ويدخل تحت مظلة حماية المفوضية وبعدها يستطيعوا الحصول على الإقامة في مصر والحماية الدولية لهم وحتى يتسنى لهم مباشرة حياتهم الإجتماعية والعملية وهى أهم مرحلة في عملية دمج اللاجئين في مصر.
ونظرًا لأن غالبية اللاجئين في مصر فارون من الحرب أو الاضطهاد، فهم لا يتمتعون بحماية دولتهم بل على العكس من ذلك قد تكون حكومتهم في كثير من الأحيان هي نفسها مصدر تهديد واضطهاد بالنسبة لهم، فيظهر هنا أهم دور للمفوضية وهو توفير الحماية والمساعدة لهم فور دخولهم، فتقدم المفوضية وسيلة الأمان والحماية وهو ما يحتاج إليه اللاجئ من أجل المعيشة والتنقل داخل البلد المستضيف وهو ما تنتهجه المفوضية في مصر مع اللاجئين حيث تقوم المفوضية بتسجيلهم فور وصولهم إلى مصر وتقدم لهم أوراق ثبوتية خاصة بهم، وأيضًا تجرى معهم المقابلات الشخصية لمعرفة أسباب مغادرتهم لبلادهم وبناءً على هذه المقابلات يتم تحديد من هو اللاجئ ومن ليس لاجئ وعلى هذا الأساس يتم منحهم بطاقة اللجوء.
وكما هو معروف أن بطاقة اللجوء هى بطاقة حماية دولية لحمايتهم والإعتراف بهم كلاجئين أو طالبي لجوء لمنع ترحيلهم قسرًا، وهذا سبب مهم للاجئين حتى يتسنى لهم الإندماج ومباشرة حياتهم الطبيعية.
المساعدات المادية والغذائية:
وأبرز المشاريع المقدمة من المفوضية والتي تكون عون كبير خاصة للأجئين الجدد أو حتى من مر عليهم وقت على اللجوء هى المساعدات الغذائية والمساعدات المادية والتي تيسير على اللاجئين سبل المعيشة والتي تكون عون كبير لبعض الأسر حتى ولو لم تغط هذه المساعدات كافة سبل المعيشة سواء للفرد أو الأسرة الكاملة.
وتوزيع المساعدات والخدمات على اللاجئين هى عملية تحتاج إلى تنظيم وتقييم دقيق. قد تواجه المفوضية وشركاؤها تحديات في تحديد وتقييم احتياجات اللاجئين بشكل دقيق وضمان وصول المساعدات إلى الأشخاص الذين يستحقونها بشكل عادل، لذا تهدف المفوضية وشركاؤها إلى تطوير نظام يتيح تسجيل وتقييم احتياجات اللاجئين بشكل فعال وشامل. ويتضمن ذلك إجراء مسوحات ودراسات ميدانية لفهم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والاحتياجات الفردية لللاجئين. وقد يتم أيضًا الاستعانة بالمنظمات المحلية والمجتمع المضيف للمساعدة في تحديد الحالات التي تحتاج إلى الدعم بشكل أكبر.
وعلى الرغم من هذه الجهود، قد يحدث بعض الأخطاء، وقد يتم استغلال بعض الأفراد هذا النظام من خلال التلاعب بمعلوماتهم الشخصية أو تزييف حالتهم الاجتماعية على غير الحقيقة. لكن المفوضية وشركاؤها يعملون باستمرار على تحسين عمليات التقييم والتوزيع لتجاوز تلك الصعوبات وضمان وصول المساعدات للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
ومن الضروري توعية اللاجئين بأهمية تقديم المعلومات الصحيحة والصادقة عن حالتهم الاجتماعية والاقتصادية للحصول على المساعدة المناسبة. كما يجب على المفوضية وشركاؤها تعزيز الشفافية وتطوير آليات للكشف عن أي تلاعب أو سوء استغلال في عمليات التوزيع.
وفي النهاية تعمل المفوضية على حماية اللاجئين وتقديم المساعدات الأساسية. وتسعى لتوفير الإقامة والرعاية الصحية والتعليم، وتتعاون مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية. وتقوم أيضًا بتقنين وضع اللاجئين في مصر وتسهيل دمجهم في المجتمع المصري. وتعمل على تحديد وتقييم احتياجات اللاجئين وضمان توزيع المساعدات بشكل عادل. وتهدف إلى حماية حقوق اللاجئين وتعزيز دمجهم في المجتمع المضيف.