كتبت: سلمى نصر الدين
في مارس الماضي، أعلنت الدنمارك توسيع رقعة المناطق الآمنة في سوريا لتشمل محافظة اللاذقية، وهو ما سيترتب عليه قرارات بعودة اللاجئين السوريين القادمين من اللاذقية لبلدهم مرة أخرى.
إذ أن السلطات الدنماركية منذ عام 2019 ألغت تصاريح الإقامة لـ 150 سوريًا من دمشق والمناطق المحيطة، من بين أكثر من 1300 حالة تمت مراجعتها، وفقا لدائرة خدمة الهجرة. وذلك بعد اعتبار دمشق من المناطق الآمنة والتي تشمل أيضًا حمص وحلب.
دعوات عودة اللاجئين السوريين خرجت أيضًا من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان والذي قال إن عدد السوريين العائدين السوريين سيزداد، قائلًا “عاد نحو 500 ألف لاجئ سوري إلى الأماكن التي حوّلناها إلى مناطق آمنة”، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول التركية.
والمناطق الآمنة التي يقصدها الرئيس التركي هي: مناطق عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع”، التي نفذتها فصائل من المعارضة السورية بدعم من الجيش التركي في الشمال السوري، ضد مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقوات “وحدات حماية الشعب” الكردية التي تصنفها تركيا على لوائح الإرهاب.
وبدأت لبنان منذ عام 2017، خطتها “إعادة النازحين الطوعية والآمنة”، والتي تستهدف عودة السوريين المُقيمين على أرضها لسوريا.
رغم الحديث عن سوريا الآمنة، إلا أن العديد من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني وثقت انتهاكات في حق السوريين الذين قرروا العودة لأراضيهم. وأعلنت الأمم المتحدة عن أنها لا تعتبر تحسن الوضع الأمني في سوريا كافيا بدرجة “تبرر إنهاء الحماية الدولية لأي مجموعة من اللاجئين“.
اللاجئين السوريين
بحسب الأمم المتحدة، اضطر حوالي 13 مليون سوري إما للفرار خارج البلاد أو نزوح بداخلها لتداعيات الحرب التي بدأت في 2011، كما وصل عدد اللاجئين السوريين لـ 5.6 مليون لاجئ تقريبًا، أغلبهم في دول الجوار ومصر.
وسجلت الأمم المتحدة عودة حوالي 280 ألف لاجئ سوري لسوريا في الفترة من 2016 وحتى منتصف 2021.
انتهاكات في حق العائدين
وثقت منظمة العفو الدولية في تقريرها “ذاهب إلى الموت” حالات من العائدين من الرجال والنساء والأطفال، الذين تعرضوا/ن للاغتصاب والعنف الجسدي والاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة السيئة.
إذ تعتبر حكومة الأسد اللاجئين السوريين بأنهم خائنون للبلاد وداعمين للإرهاب بحسب ما وثقه التقرير.
وذلك عكس ما يُعلنه النظام من ترحيب بعودة اللاجئين لأراضيهم، إذ قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، “أبواب سورية مفتوحة أمام عودة كل اللاجئين والمهجرين، حيث تعمل كل الجهات المعنية وبكل طاقتها لتحقيق ذلك وضمان عودتهم إلى منازلهم التي هجرهم الإرهاب منها”.
تعرضت 14 حالة من التي وثقتهم منظمة العفو الدولية لحالات عنف جنسي من قبل مسئولي الأمن السوريون. وضمت الحالات نساء وأطفال ورجال.
إذ اُغتصبت 5 نساء، وصبي في الثالثة عشرة من عمره، وطفلة في الخامسة من عمرها. ووقعت الاعتداءات الجنسية عند المعابر الحدودية أو داخل مراكز الاعتقال أثناء الاستجواب في يوم العودة أو بعده بقليل، حسبما جاء في المقابلات التي أجرتها المنظمة مع الناجين أو أقاربهم.
كما اعتدي أفراد الأمن بالضرب على 5 من العائدين في أعضائهم التناسلية وجردوهم من ثيابهم وهم عراة.
من ضمن الشهادات التي وثقتها المنظمة سامر، أحد العائدين لسوريا، والذي ذكر أن أحد عناصر الأمن قال له “نحن نضربك هنا كيلا تستطيع إنجاب أطفال يلحقون الضرر بوطنهم مثلما فعلت أنت”.
اعتقالات واختفاء قسري للعائدين
في تقرير “هل سوريا آمنة للعودة.. منظور العائدين” والصادرة عن منظمة أصوات لأجل المهجرين السوريين (منظمة مجتمع مدني)، أفاد 11% من العائدين والمشاركين في الاستبيان الذي أجرته المنظمة، أنهم تعرضوا أو تعرضَ أحد أفراد أسرتهم للعنف الجسدي أو الأذى في مكان إقامتهم خلال العام الماضي وحده، مع 7٪ فضَّلوا عدم الإجابة، و5٪ أفادوا بأنهم لا يعرفون، هو ما تراه المنظمة بوجود خوف مُحتمل من التحدث.
بينما أفاد الباقون أنهم تعرضوا للضرب على أيدي الجماعات المسلحة لأسباب غير معروفة، ونزاعات شخصية تسببت في أعمال عنف واعتقال تعسفي من قبل قوات النظام.
الأمر نفسه وثقته منظمة العفو الدولية، إذ وثقت 59 حالة من الاعتقال التعسفي غير القانوني لرجال ونساء وأطفال، كما ضمت قائمة المعتقلين 2 سيدات حوامل، و7 أطفال لم يتجاوز عمرهم 4 سنوات.
تعرض العائدون/ـات للاعتقال غضون نحو تسعة شهور بعد عودة هؤلاء الأشخاص من الخارج، وإن كان معظمهم أبلغوا منظمة العفو الدولية بأنهم ألقي القبض عليهم لدى عودتهم أو بعدها بفترة وجيزة.
أما عن أسباب الاعتقال، فاستندت لاتهامات فضفاضة تتعلق بالإرهاب، وكثيرا ما كان الدافع وراء ذلك هو افتراض السلطات أن أحد أقارب العائدين ينتمي إلى المعارضة السياسية أو المسلحة أو لأن العائدين هم من أهالي منطقة كانت في السابق تحت سيطرة المعارضة.
وفي الحالات التي وثقتها منظمة العفو الدولية، لم يتسن لأي من المعتقلين الاتصال بمحام، ولم يمثل أي منهم أمام قاض؛ ولم يكن اعتقالهم يستند لأي أساس قانوني واضح، بل كان مرجعه لأسباب غير ضرورية أو غير معقولة، أو كليهما؛ واستمر اعتقالهم على هذا النحو لعدة أشهر على الأقل، مما يجعله اعتقالا غير قانوني أو تعسفيا.
تعذيب بالكهرباء وضرب
كما وثقت منظمة العفو الدولية 33 حالة من العائدين أخضعهم مسؤولو المخابرات للضرب والتعذيب، من بينهم نساء وأطفال
واستخدم عناصر المخابرات التعذيب في الغالب لانتزاع “اعترافات” من العائدي ن بالإكراه على ارتكاب جرائم مزعومة أو لمعاقبتهم، أو بدعوى معارضتهم للحكومة، حسبما جاء
في إفادات العائدين.
واستخدمت عناصر المخابرات الأدوات مثل القضبان المعدنية، والكابلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية، بل وبجنزير دبابة في إحدى الحالات.