كيف يؤثر قطع تمويل الأونروا على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟
علقت عدة دول تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في ضوء اتهامات من دولة الاحتلال الإسرائيلي بضلوع أفراد من المنظمة في عملية طوفان الأقصى، التي قامت بها حماس صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في الداخل الفلسطيني.
وفصلت الأونروا حوالي 9 موظفين من 12 موظفًا متهمين، وفتحت تحقيقًا للتأكد من صحة الاتهام الموجه للوكالة وموظفيها. ورغم عدم التأكد من صحة الاتهامات أوقفت حوالي 10 دول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التمويل المخصص للأونروا.
وتعليقًا على تأثير وقف التمويل على اللاجئين الفلسطينيين المستفيدين من خدمات وكالة الغوث، والبالغ عددهم 5.9 مليون لاجئ، في 5 مناطق رئيسية هي غزة، والضفة الغربية، والأردن، وسوريا، ولبنان، تحدثت دوروثي كلاوس، مديرة شؤون الأونروا في لبنان عن الأمر، ونقلت أخبار الأمم المتحدة تصريحاتها.
توقف الخدمات
قالت دورثي إنه لن يكون لدى الوكالة تمويل اعتبارا من نهاية شهر شباط/فبراير. وهذا يعني أن عملياتنا ستتوقف خلال شهر آذار/مارس؛ ما يؤثر على 250 ألف من لاجئي فلسطين الذين حسب تقديرنا يقيمون حاليا في لبنان والذين يعتمدون إلى حد كبير على خدمات الوكالة. لدينا حاليا 40 ألف طفل في مدارسنا ومراكز التدريب المهني، لا يوجد لديهم مكان آخر يذهبون إليه. وهذا يعني أن 38 ألف طفل في الصفوف من الأول إلى الثاني عشر لن يتمكنوا من مواصلة تعليمهم.
أوضحت الحكومة اللبنانية المضيفة بشكل جلي أنها لا تملك الموارد اللوجستية والمالية والسياسية اللازمة لتولي مسؤولية لاجئي فلسطين. إنهم يعانون من أزمة اقتصادية حادة تؤثر على ميزانيتهم العامة، حيث ينتقل الكثير من الأطفال اللبنانيين من المدارس الخاصة إلى المدارس العامة، والتي باتت مكتظة بالفعل، ويشغل اللاجئون السوريون في البلاد نوبات بعد الظهر في المدارس. لذلك، ليس هناك منظور واضح.
وأضافت أن هناك 200 ألف لاجئ فلسطيني يزورون مراكز الأونروا الصحية سنويا، ويتم تزويدهم بالأدوية الأساسية. وتعد تلك المراكز المستجيب الأول للأطفال الذين يحتاجون إلى التحصين، وللنساء الحوامل والمرضعات، وللعديد من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وغير معدية، ويتم تزويدهم بالأدوية الحيوية.ليس لديهم مكان يذهبون إليه.
لا مكان للعلاج
وأشارت إلى أن القطاع العام في لبنان ليس مفتوحا أمام اللاجئين الفلسطينيين. ونظرا لمعدلات الفقر المرتفعة جدا، فإن 80% من لاجئي فلسطين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، وهم غير قادرين على تحمل تكاليف خدمات القطاع الخاص. وهذا يؤثر بشكل أكبر على 50 ألف لاجئ من فلسطين يعتمدون على تحويلات المستشفيات التي تقدمها الأونروا.
وتمتلك الأونروا اتفاقية لتقاسم التكاليف مع لاجئي فلسطين، حيث نقوم بدفع حوالي 50 إلى 60%، وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك من النفقات.
ومرة أخرى، ونظرا لمعدلات الفقر المرتفعة جدا، فمن المرجح أن يتم تأجيل العلاج في المستشفيات من قِبل لاجئي فلسطين لأنهم غير قادرين على تغطية التكاليف. وهذا يشمل أيضا 600 مريض بالسرطان يعتمدون على التمويل المشترك للأونروا، بحسب مديرة الأونروا في لبنان.
وترتب على عدم قدرة مرضى السرطان تحمل تكاليف الأدوية الحيوية زيادة في معدل الوفيات بين مرضى السرطان لذا اتخذت الأونروا قرارا في العام الماضي بزيادة نسبة التمويل المشترك للأونروا في هذا الشأن. كل ذلك سوف يتداعى.
الأونروا الوحيدة القادرة
وتعمل الأونروا، بحسب حديث دورثي، خدمات الصحة البيئية، وجمع القمامة في مخيمات لاجئي فلسطين البالغ عددها 12 مخيما، حيث يقيم حاليا أكثر من 100 ألف من اللاجئين، وتوضح لا يوجد أحد قادر على تولي هذه الخدمات. وأخيرا، فإننا نقدم أيضا المساعدة النقدية لـ 65% من اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي مكننا من خفض الفقر من نسبة مذهلة تبلغ 93% إلى 80% حاليا.
لذا فإن كل هذا سيكون له تأثير بالغ على لاجئي فلسطين هنا. في لبنان، لا توجد جهة فاعلة أخرى لديها الموارد وقادرة على التدخل لاسيما أن الأونروا تعمل مثل خدمة حكومية والتي لديها الآن البنية التحتية المناسبة.
وتضيف أن الأونروا تقدم تلك الخدمات عبر حوالي 3500 موظف، مما يساهم أيضا في دخل ما يقدر بنحو 15% من لاجئي فلسطين يعتمدون بشكل مباشر على الاستثمارات التي تقوم بها الأونروا في لبنان، والتي تبلغ في المتوسط حوالي 180 مليون دولار سنويا.