ندوة في القاهرة حول الوضع الإنساني في السودان بعد عام من الصراع
أقام مركز دام للدراسات الحقوقية والسياسية وموقع مصر 360 بالتعاون مع مبادرة محامو الطوارئ ندوة بعنوان “الوضع الإنساني في السودان بعد مرور عام”، تحدثت فيها دكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والأستاذة رحاب مبارك، الناشطة الحقوقية السودانية، وأدار الندوة الأستاذ حسين بهجت، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع مصر 360.
الفرار بحثًا عن الأمان
تناولت الندوة الوضع الإنساني في السودان بعد مرور عام على الصراع الذي اندلع في 15 أبريل 2023، واستهلت الندوة بإثناء الدكتورة أماني الطويل على عمل مبادرة محامو الطوارئ وتوثيقهم الانتهاكات الواقعة في السودان قائلة: إنه رغم حداثة الحرب إلا أن مجموعة محامو الطوارئ تمتلك خبرات متراكمة في رصد انتهاكات الأمن الإنساني، موضحة أن السودان يمتلك تاريخ طويل من الانتهاكات.
وعن الوضع الإنساني داخل السودان، قالت الطويل إن بعد مرور عام من الحرب السودانية نجد أننا وصلنا إلى تدمير كامل للدولة السودانية، وعلى صعيد الأمن الإنساني هناك لجوء ونزوح ووصفت النزوح الداخلي بأنه أكثر مرارة من اللجوء خارج البلاد، فهناك أسر نزحت قرابة ثمان مرات بحثًا عن الأمان.
وأشارت إلى تفاقم الجوع في السودان حتى أصبحت النجاة النسبية من الجوع، والتي تعني الحد الأدنى من الطعام للبقاء على قيد الحياة، أصبح مهددًا؛ لأن المجموعات الطوعية التي تعمل على الأرض لم تعد تملك تمويلًا كافيًا لاستمرار عملياتها بسبب قطع خدمات الانترنت، حيث تستقبل تلك المجموعات التحويلات المالية عبر تطبيقات الهاتف المحمول لشراء الطعام.
استمرار دولة السودان على المحك
وتحدثت الطويل عن أن استمرار الدولة السودانية أصبح على المحك، إذ تسببت الحرب في تدمير نحو 400 منشأة صناعية كما أن معدلات النمو الاقتصادي قد تراجعت بفعل الحرب قائلة: إنه حتى يعود معدل النمو لمستواه قبل الحرب الأخيرة والذي تراجع عن معدل النمو في 2008 بمقدار 80% نحتاج إلى 50 عامًا.
لماذا السودان أزمة منسية؟
وردًا على سؤال لماذا السودان أزمة منسية، أوضحت الدكتورة أماني الطويل أن السودان لديه سجل طويل من الحروب الأهلية والانتهاكات ما جعل المشاهد يعتاد المشهد ويعتد الخبر، كما أن الحروب الأهلية تجعل المشاهد في حالة الارتباك فهو لا يستطيع دعم جهة ضد الأخرى، على عكس ما يجري في غزة، إذ تُعد دولة إسرائيل عدو فلا يوجد الارتباك ذاته لدى المشاهد العربي.
كما تناولت الطويل في حديثها وجود انتهاكات واسعة على الأرض، قائلة إن أكثر تلك الانتهاكات إيلامًا هو عمليات الاغتصاب، والذي يُستخدم لخفض المعنويات، مؤكدة على أن الأرقام المرصودة غير دقيقة فالكثير من النساء والأسر لا تُفصح عن الاغتصاب بسبب طبيعية البيئة التي ترى في الاغتصاب عار.
وختمت حديثها متسائلة، ما ذا نفعل أمام هذا الكم الكبير من الانتهاكات؟ هل نوثقها ونرصدها فقط؟ أم يجب اتخاذ إجراء لمنع وقوع تلك الانتهاكات مجددًا؟ وأكدت على أن الإجابة على تلك الأسئلة أمر صعب ويحتاج إلى تشاور مطول بين الراصدين والموثقين لتلك الانتهاكات.
رصد الانتهاكات
فيما تحدثت رحاب مبارك، ناشطة حقوقية سودانية وعضو مبادرة محامو الطوارئ، عن الانتهاكات التي رصدتها المبادرة خلال عام من الصراع ووثقتها في ثلاث تقارير: الأول “معتقلات الموت في الخرطوم” والتي وثقت فيه مبادرة محامو الطوارئ المعتقلات التي أقامها كل من الدعم السريع والجيش السوداني والانتهاكات التي طالت المعتقلين والمختفيين قسريًا داخل تلك المعتقلات.
والتقرير الثاني هو “السودان تحت الحمم” والذي وثقت فيه المبادرة الأماكن التي طالها قصف الطيران الحربي والأضرار التي صابت المواطنين جراء القصف العشوائي لطيران الجيش السوداني، والذي لم يراع وجود مدنيين في مناطق القصف.
وفي التقرير الثالث، رصدت المبادرة الانتهاكات التي وقعت في ولاية الجزيرة منذ اقتحامها الدعم السريع في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2023، والتي كان منها السرقة والنهب والتهجير القسري والاعتقال التعسفي والاغتصاب، وتدمير المنشآت المدنية.
كما أشارت مبارك إلى الصعوبات التي تواجه الراصدين لتلك الانتهاكات منها: صعوبة التواصل مع العاملين في الميدان لانقطاع الاتصالات والانترنت بالإضافة إلى أن هؤلاء الباحثين يتعرضون للانتهاكات والتنكيل، وأشارت إلى واقعة قتل الحقوقية بهجة علي في ولاية الجزيرة لعملها على توثيق عمليات الاغتصاب التي قام بها الدعم السريع.
وانتهت الندوة على ضرورة الحديث حول آليات تقديم الجناة إلى العدالة، وإيجاد طرق تُساعد في إيقاف الانتهاكات.