هيومن رايتس ووتش: عشرات الآلاف من الأطفال اللاجئين في مصر محرومين من التعليم

أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرًا حول حرمان عشرات آلاف من الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر من التعليم، لأسباب وصفتها بأنها تعود لعوائق بيروقراطية كبيرة أمام التسجيل والافتقار إلى التعليم المجاني.
أوضحت المنظمة أن الحكومة المصرية تضع الحصول على الإقامة كشرط أساسي للتسجيل في المدارس الحكومية، وقالت أن تلك عقبة مستحيلة للعديد من أسر اللاجئين وطالبي اللجوء، كما تُشكل الرسوم بما فيها رسوم الالتحاق بالمدارس والانتقالات عائق كذلك.
كما يواجه بعض الأطفال في المدرسة التنمر والاعتداءات والممارسات التمييزية من قبل المعلمين والطلاب الآخرين، ما يحول دون التحاق الطلاب بالمدرسة أو يدفعهم إلى التسرب منها.
قال بسام خواجا، نائب المديرة التنفيذية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يجد العديد من الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر أبواب المدارس مغلقة في وجوههم، ما يحرم عشرات الآلاف من حقهم الأساسي في التعليم. ينبغي للسلطات المصرية ضمان تلقي جميع الأطفال التعليم الأساسي والثانوي العام المجاني، بغض النظر عن وضعهم القانوني”.
9 آلاف طفل يصلون مصر شهريًا
بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تستضيف مصر 834 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين). زاد هذا العدد أكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق، ويُرجَّح أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير، مع تقدير الحكومة المصرية فرار 1.2 مليون شخص من السودان إلى مصر.
تشير تقديرات “منظمة الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف) إلى أنه يوجد 246 ألف طفل لاجئ وطالب لجوء في سن الدراسة في مصر، نصفهم تقريبا خارج المدرسة.
ووجد تقييم حديث أن 9 آلاف طفل يصلون إلى البلاد شهريا ونصفهم تقريبا لا يرتاد المدرسة. لا تشمل هذه الأرقام قرابة 100 ألف لاجئ فلسطيني عبروا إلى مصر من غزة في العام الماضي من دون أن يسَّجلوا لدى مفوضية اللاجئين. وبحسب مصدر دبلوماسي في القاهرة، لم تتمكن الغالبية العظمى من تأمين الإقامة القانونية أو الالتحاق بالمدارس الحكومية.
أقرأ أيضًًا| الفلسطينيون السوريون في مصر.. عندما تُحجب السبورة عن الصغار باسم القانون
أجرت هيومن رايتس ووتش 27 مقابلة عن بعد مع قادة في مجتمعات اللاجئين، ومعلمين، وآباء وأمهات، وأفراد آخرين من أسر اللاجئين من إريتريا، وجنوب السودان، والسودان، وفلسطين، واليمن. كما أجرت مقابلتين عن بعد مع ممثلي منظمات إنسانية ومصدر دبلوماسي في القاهرة. راجعت هيومن رايتس ووتش القوانين، واللوائح التنظيمية، والمعطيات الرسمية، والمعلومات العلنية الصادرة عن الحكومة المصرية، وكتبت إلى وزارة التربية والتعليم والتعليم المهني المصرية في 8 أكتوبر/تشرين الأول وإلى مفوضية اللاجئين في 24 أكتوبر/تشرين الأول، لكنها لم تتلق أي رد.
قال أب سوداني لم يتمكن من تسجيل أطفاله في المدرسة: “يتلقى جميع الأطفال التعليم باستثناء أطفالي. رسم أحد أبنائي صورة لمدرسته في السودان، مسترجعا ذكرياته”.
التعليم حق الجميع
يضمن قانون التعليم المصري لعام 1981 الحق في التعليم المجاني “للمواطنين”. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للحكومة تعديل القانون ليشمل جميع الأطفال في البلاد، بمن فيهم اللاجئون. ينظّم القرار الوزاري رقم 284 لعام 2014 التحاق غير المصريين بالمدارس، حيث يسمح لهم بالالتحاق بالمدارس الخاصة، بينما يقيّد الالتحاق بالمدارس الحكومية، باستثناء مواطني السودان، وليبيا، والسعودية، والأردن ممن يحملون تصاريح إقامة. لا يمنح القرار بخلاف ذلك اللاجئين حق التسجيل في المدارس الحكومية باستثناء الطلاب الحاصلين على منح دراسية من مفوضية اللاجئين.
التوجيه الوزاري الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بتعديل المرسوم لعام 2014 يسمح للّاجئين بالالتحاق “على سبيل الاستثناء” بالمدارس الحكومية. ووفقا لمفوضية اللاجئين، فإن الحصول على التعليم العام “على قدم المساواة مع المصريين” متاح حاليا فقط لمواطني جنوب السودان، والسودان، وسوريا، واليمن. لا تقدم المفوضية توضيحا للأساس لحصر التعليم بتلك الجنسيات.
تتقاعس الحكومة المصرية عن ضمان التعليم المجاني بشكل كامل، حيث تفرض المدارس الحكومية رسوما على المصريين وغير المصريين. وتُعفى بعض فئات الطلاب من هذه الرسوم، ولكن الأمر لا ينطبق على الطلاب اللاجئين أو طالبي اللجوء.
قال بعض من أجريت معهم المقابلات إن اللاجئين وطالبي اللجوء من البلدان غير الناطقة بالعربية يتعرضون للتمييز في الالتحاق بالمدارس الحكومية، وهو ما يؤثر في قدرة أعداد كبيرة على دخول المدارس الحكومية، ومنهم نحو 40 ألف طالب مسجل من إريتريا و18,700 من إثيوبيا.
وبموجب القانون الدولي، مصر ملزمة بضمان حصول جميع الأطفال، بغض النظر عن وضعهم القانوني، على الحق في التعليم بدون تمييز. مصر طرف في العديد من المعاهدات الدولية التي تكرس الحق في التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي، والتعليم الثانوي المجاني تدريجيا، بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” و”اتفاقية حقوق الطفل”.
وبصفتها طرف في “الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم”، فإن مصر ملزمة بمنح الأجانب المقيمين على أراضيها فرص نفسها للحصول على التعليم مثل مواطنيها. كما صادقت مصر على “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” الأممية، التي تضمن للأطفال ذوي الإعاقة الحق في “الحصول على التعليم المجاني الابتدائي والثانوي، الجيد والجامع، على قدم المساواة مع الآخرين في المجتمعات التي يعيشون فيها”.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للحكومة المصرية السماح للأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء من جميع الجنسيات بالالتحاق بالمدارس الحكومية وإزالة الحواجز البيروقراطية مثل تصريح الإقامة والرسوم المدرسية. ينبغي لشركاء مصر الدوليين زيادة تمويلهم لبرامج التعليم وضمان توجيه الأموال للغرض المخصص لها. وقد ناشدت الأمم المتحدة توفير تمويل إضافي لزيادة فرص التعليم للاجئين في مصر في أعقاب النزاع في السودان، ولكن مُوِّل فقط 55% من نداء مصر حتى نوفمبر/تشرين الثاني.
قال خواجا: “ينبغي للسلطات المصرية التوقف عن وضع الجدران التي تحول دون حصول الأطفال الذين اضطروا أصلا إلى الفرار من بلدانهم الأصلية على التعليم. رأينا في أزمات اللاجئين الأخرى كيف أن الحواجز التي تعترض التعليم تلحق ضررا هائلا بجيل كامل من الأطفال، والآن يُخشى أن تفعل السياسات المصرية الشيء نفسه”.