تحدث مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في الدورة السادسة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان، حول الصراع في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، وسوريا والسودان وجنوب السودان.
وقال تورك في بداية حديثه: يؤلمني أن أبدأ تحديثي العالمي لهذا المجلس، مرة أخرى، بقسوة الحرب. لقد تحدثت في شهر آذار/مارس الماضي عن الحق في السلام. ومنذ ذلك الحين، اشتدت الصراعات. لقد أصبح قتل وجرح المدنيين حدثاً يومياً. تدمير البنية التحتية الحيوية حدث يومي.
وأضاف قتلوا الأطفال، وقصفوا المستشفيات. أطلقت المدفعية الثقيلة على مجتمعات بأكملها. وكل ذلك مع خطاب الكراهية والانقسام واللاإنسانية.
تضاعف نسبة الوفيات بين المدنيين
وأشار إلى شعوره بالفزع إزاء المدى الذي وصلت إليه الأطراف المتحاربة في تجاوز حدود ما هو مقبول ــ وقانوني ــ على العديد من الجبهات، مع الازدراء التام للآخر، ودوس حقوق الإنسان في جوهرها.
وفي عام 2023، تظهر البيانات التي جمعها مكتبي أن عدد الوفيات بين المدنيين في النزاعات المسلحة ارتفع بنسبة 72 في المائة. ومن المرعب أن البيانات تشير إلى أن نسبة النساء المقتولات في عام 2023 تضاعفت كما تضاعفت نسبة الأطفال ثلاث مرات مقارنة بالعام السابق.
لقد روعني تجاهل أطراف النزاع في غزة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. لقد كان هناك موت ومعاناة غير معقولة. وقد قُتل أو جُرح أكثر من 120 ألف شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، نتيجة للهجمات الإسرائيلية المكثفة. ومنذ صعدت إسرائيل عملياتها في رفح في أوائل شهر مايو/أيار، تعرض ما يقرب من مليون فلسطيني للتهجير القسري مرة أخرى، في حين تدهورت عملية تسليم المساعدات وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية بشكل أكبر.
إن الوضع في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، يتدهور بشكل كبير. وحتى 15 يونيو/حزيران، قُتل 528 فلسطينيًا، من بينهم 133 طفلًا، على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية و/أو المستوطنين الإسرائيليين منذ أكتوبر/تشرين الأول، مما أثار في كثير من الحالات مخاوف جدية بشأن عمليات القتل غير القانوني.
وأكد على أن الغارات الإسرائيلية المتواصلة على غزة تسبب معاناة هائلة ودماراً واسع النطاق. واستمر الحرمان التعسفي للمساعدات الإنسانية وعرقلتها، وتواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي احتجاز آلاف الفلسطينيين تعسفاً. وهذا يجب أن ينتهي.
وأشار إلى أن الأنماط الموثقة تُثير مخاوف جدية بشأن ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الجرائم الفظيعة. ودعا إلى احترام القرارات الملزمة الصادرة عن مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.
وطالب بانتهاء الاحتلال، وتحقيق المساءلة، ويجب أن يصبح حل الدولتين المتفق عليه دوليا حقيقة واقعة.
تهجير 90 ألف شخص في لبنان
إنني أشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد الوضع بين لبنان وإسرائيل. وبحسب ما ورد قُتل 401 شخصًا في لبنان، بما في ذلك المسعفون والصحفيون. وقد تم تهجير أكثر من 90 ألف شخص في لبنان، وتدمير آلاف المباني. وأكرر دعوتي إلى وقف الأعمال العدائية وإلى قيام الجهات الفاعلة ذات النفوذ باتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب حرب واسعة النطاق.
تدمير السودان
وعن السودان، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان يتم تدمير السودان أمام أعيننا من قبل الطرفين المتحاربين والجماعات التابعة لها. لقد أثاروا التوترات العرقية، وحرموا المساعدة الإنسانية، واعتقلوا المدافعين عن حقوق الإنسان، وتجاهلوا بشكل صارخ حقوق شعبهم.
وأكد تورك أنه حذر كلا الجنرالين لمسؤوليتهما عن ارتكاب جرائم حرب محتملة وغيرها من الجرائم الفظيعة، بما في ذلك من خلال العنف الجنسي والهجمات ذات الدوافع العرقية. وهم مسؤولون في نهاية المطاف عن تأثير أفعالهم على المدنيين، بما في ذلك النزوح الجماعي، والمجاعة الوشيكة، والكارثة الإنسانية المتزايدة الشدة.
لا نهاية في الأفق عن النزاع في سوريا
رغم انخفاض حدة الأعمال العدائية في الجمهورية العربية السورية مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أنه لا توجد نهاية واضحة في الأفق للنزاع. مع استمرار عمليات قتل المدنيين، وتدمير الأعيان المدنية، والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاعتقالات التعسفية وترهيب المتظاهرين السلميين. ولا تزال حالات الوفاة أثناء الاحتجاز مستمرة، ولا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة. ولا يزال العائدون السوريون يواجهون مخاطر، مثل الاعتقال التعسفي والاحتجاز والابتزاز، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة، أو في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة غير الحكومية، بحسب تصريحات المفوض السامي لحقوق الإنسان.
ووصف تورك جنوب السودان بأنه بلد أنهكه العنف الطائفي وعمليات القتل الانتقامية، والهجمات واسعة النطاق على المدنيين، وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وسوء إدارة الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، والنزوح على نطاق واسع، بما في ذلك بسبب العوامل البيئية. وتتفاقم كل هذه التحديات في سياق هش يسبق الانتخابات. وأحث الحكومة على إعطاء الأولوية للمساءلة، ومعالجة العنف المحلي، وتعزيز حماية المدنيين، والتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة، وتقديم الجناة إلى العدالة.