تقرير: سلمى نصر الدين
على مدار شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2024، ضربت أمطار غزيرة وصلت حد الفيضان السودان وأثرت بشكل خاص على ولاية كسلا وإقليم دارفور، وهددت الملايين بالمزيد من الجوع وسوء التغذية والإصابة بالأمراض المنقولة، في بلد يُعاني ويلات الحرب وانسحبت المنظمات الأممية والإغاثية من العمل على أراضيه لخطورة الأوضاع على العاملين في المجال الإنساني.
تأثر قرابة 73 ألف شخص في 11 ولاية بالأمطار التي نتج عنها فيضانات، ونزح نحو 21 ألفًا و370 شخصًا، ودمر أكثر 14 ألفًا و340 منزلًا.
في ولاية كسلا حيث يُقيم ما يزيد عن 300 ألف نازح من جراء الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين قوات الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، تصف مرسى عمر، مديرة مكتب الاتصال والعلاقات الخارجية بغرفة طوارئ شباب كسلا، الوضع في الولاية المنكوبة من الأمطار، قائلة: الوضع حاليًا كارثي فولاية كسلا ينتشر فيها خلال فصل الخريف الأمراض المنقولة، وبدأت تظهر حالات إصابة بالأمراض الوبائية والكوليرا والأمراض الجلدية، ومن المتوقع أنه يكون الوضع الصحي صعب جدًا، خاصة مع جلوس الأسر في العراء بسبب ازدحام مراكز الإيواء.
وتضيف في حديثها مع المهاجر: أن التبرز والتبول حاليًا يكون في العراء، وحتى الحمامات المؤقتة المُقامة في مراكز الإيواء “طفحت” وحصل خلط في مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار والمياه النظيفة فأصبح الوضع كارثي جدًا.
تفشي الكوليرا
يتفق حديث مرسى عمر مع تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ذكرت فيه انتشار الملاريا في ربوع السودان، وفي كسلا فقط سجلت وزارة الصحة السودانية 119 حالة كوليرا في 3 مراكز لإيواء المهاجرين، وتوفي 5 لاجئين من مضاعفات الإصابة بالمرض.
وأرجعت مفوضية اللاجئين تفشي الكوليرا مؤخرا نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات الناتجة عنها. موضحة أنه تتفاقم المخاطر بسبب استمرار الصراع والظروف الإنسانية المزرية، بما في ذلك الاكتظاظ في المخيمات ومواقع التجمع للاجئين والسودانيين النازحين بسبب الحرب، فضلا عن الإمدادات الطبية المحدودة والعاملين الصحيين. هذا بالإضافة إلى البنية التحتية للصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية المجهدة – والتي تأثرت جميعها بشدة بالحرب.
أقرأ أيضًا| الفيضانات تُشرد 2.3 مليون إنسان في شرق أفريقيا خلال عام 2023
بالإضافة إلى انتشار الكوليرا، يتم الإبلاغ أيضا عن زيادة حالات الأمراض المنقولة بالمياه بما في ذلك الملاريا والإسهال. كما تؤثر القيود المفروضة على الوصول الإنساني على جهود الاستجابة. العنف وانعدام الأمن وهطول الأمطار المستمر يعيق نقل المساعدات الإنسانية. في ولايات النيل الأبيض ودارفور وكردفان – موطن لأكثر من 7.4 مليون لاجئ ونازح داخلي سوداني – أدت تحديات الوصول إلى تأخير تسليم الأدوية الحيوية وإمدادات الإغاثة.
غرق المنازل في الجنينة
لا يختلف الوضع في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، فبحسب بيان شاركته غرفة طوارئ الجنينة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دمرت الأمطار والفيضانات المنازل ودور الإيواء.
بحسب مسح أجرته غرفة طوارئ الجنينة، فإن الأمطار تسببت في تضرر وتدمير قرابة 700 منزل في أحياء وحدة أم دوين توزعت كالآتي: 300 منزل في حي الجريف و180 منزلًا في حي النيل غرب، و100 منزل في حي النيل الشرق، وتضرر 50 منزلًا في حي القوني، ومثلهم في حي الوفاق، فيما تضرر 15 منزلا في حي الظهران و6 منازل في حي العامرية.
وبلغ مجموع عدد افراد الاسر المتضررة بوحدة ام دوين الإدارية 3 آلاف و505 أسر. وأشارت الغرفة أنه تم استضافة المتضررين في المدارس والمنازل الخالية، ولكن مراكز الإيواء غير مهيأة للسكن ولا توجد أي خدمات صحية سوى المخيمات العلاجية التي نظمتها مبادرات شعبية.
كما تعاني المطابخ من شح في توفر المواد يعتمدون على المساهمات الشعبية عبر المبادرات والأشخاص بالإضافة الي الصناديق الموزعة على الشوارع والتكايا.
يقول حافظ إدريس، مقرر غرفة طوارئ الجنينة في ولاية غرب دارفور، إن الأمطار التي سقطت على الولاية أحدثت أضرارًا بالغة في أحياء الزهور وأردماتا والثورة، وأوقعت خسائر كبيرة في منازل المواطنين، إذ سقطت الكثير من المنازل وتوفي العديد من الأشخاص بسبب الفيضانات.
ويؤكد حافظ في حديثه لـ المهاجر قائلًا: إن الأمر يزداد سوء في الولاية بسبب الحرب والفيضانات، ويعيش المواطن نتيجة تلك الكوارث بالغة التعقيد.
ويُشير مقرر غرفة الطوارئ لانهيار كوبري وادي باري بسبب الفيضانات، وهو الكوبري الرابط بين ولايتي غرب ووسط دارفور وتعبر عبره المساعدات الإغاثية للإقليم المنكوب من الصراع والأمطار ويعاني ملايين النازحين فيه الجوع.
وبحسب حافظ إدريس فإنه نتيجة للحرب والفيضانات بات كثير من النازحين في الولاية يحتمون من العراء بالأشجار.
يُطالب كلا من مرسى وحافظ المجتمع الدولي والمنظمات الإغاثية بتوفير مساعدات عاجلة من دواء ومياه نظيفة وطعام للنازحين الذين يعيشون في العراء ومهددون بالموت في كل لحظة.
أقرأ المزيد
الكوارث المناخية في أفريقيا تدفع الأفراد للهجرة بحثًا عن حياة افضل