“سجن مفتوح”.. مفوضية اللاجئين وحكومة النيجر ينتهكان حقوق اللاجئين في مركز أغاديز الإنساني
![](https://www.mohajer.net/wp-content/uploads/2025/02/اعتصام-اللاجئين-2-780x470.jpg)
تقرير: سلمى نصر الدين
“حياتنا هنا تعني الموت البطيء، يجب نجدتنا من العذاب الذي نعيش فيه كلاجئين، لا يمكننا تحمل الوضع اللانساني الحرج، يكفي معاناة لقد سئمنا. نحن بحاجة إلى المساعدة!.” بتلك الكلمات وصف يوسف (اسم مستعار) لاجئ سوداني في المركز الإنساني للاجئين في أغاديز بدولة النيجر، واقع الحياة داخل مركز اللاجئين الذي يعيش فيه منذ عام 2017.
أُنشأ المركز الإنساني في أغاديز عام 2014 بدعم من وزارة الداخلية الإيطالية ويقع تحت مسئولية السلطة النيجيرية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، بينما تذكر منظمة اللاجئين في ليبيا (منظمة غير حكومية حقوقية تعنى باللاجئين في شمال أفريقيا) أن المركز تأسس عام 2017، ويستضيف قرابة 1500 لاجئ معظمهم من الجنسية السودانية، ويبعد عن المدينة بنحو 20 كم مربع، وفقًا لمنظمة اللاجئين في ليبيا.
وتضيف منظمة اللاجئين في ليبيا أن المركز تأسس ليكون مركز لعبور اللاجئين الراغبين في إعادة التوطين لكنه تحول إلى “سجن مفتوح”.
اعتصام سلمي
في أكتوبر 2024، بدأ اللاجئين في المركز الإنساني اعتصامًا سلميًا مفتوحًا منددين بانعدام الخدمات المقدمة من الحكومة النيجيرية ومفوضية اللاجئين والتي أوقفت إجراءات اللجوء وإعادة التوطين وغيرها من الخدمات المنوط بها تقديمها للاجئين في المركز منذ عام 2022 دون سبب معروف أو معلن، بحسب اللاجئين السودانيين يوسف وعثمان، المتواجدين في المخيم منذ عام 2017 تواصل معهم المهاجر.
اتسم الاعتصام بحسب يوسف وعثمان بالسلمية والتزم اللاجئون في المركز بوقفات احتجاجية داخل المركز ورفع لافتات تطالب بإجلائهم من النيجر وإعادة التوطين في دولة أخرى، وهو ما تظهره أيضًا الفيديوهات المنشورة على صفحة اللاجئين في النيجر على موقع التواصل الاجتماعي (X).
لكن رغم سلمية الاعتصام إلا أن رد فعل السلطة المحلية في أغاديز ومفوضية اللاجئين اتسم بالعنف والحدة اللتان يعرضان حياة اللاجئين في المخيم للخطر ويخالف اتفاقية اللاجئين 1951 وبروتوكولها المكمل 1961.
يقول يوسف إن السلطات النيجيرية أصدرت أوامر بتوجه 3 لاجئين من الناشطين في الاعتصام إلى مكتب “ديريك” وهو ممثل السلطة في أغاديز، مؤكدًا أنه لا يعرف أسباب الأوامر التي تلقوها من السلطات. كما حرقت الخيمة الخاصة بـ الناشط أحمد آدم وهو آحد الثلاثة المطلوبين من السلطة وواحد من فريق صفحة اللاجئين في النيجر، المسئولة عن نشر أوضاع المهاجرين والاعتصام على موقع (X)، وحتى الآن الجاني والأسباب مجهولين.
صور لحريق خيمة الناشط من صفحة اللاجئين في النيجر
تواطؤ المفوضية مع الحكومة
يتفق حديث يوسف عن وجود تهديد من السلطة في النيجر للاجئين مع حديث عثمان (اسم مستعار)، لاجئ سوداني يقيم في المركز الإنساني بأغاديز، الذي أرسل فيديو لواحد من موظفي الحكومة يتحدث مع اللاجئين في المعسكر مهددًا بأنه في حال لم يتوقف الاعتصام فإن الحكومة ستتخذ إجراءات ضد الناشطين والقائمين على الاعتصام.
فيديو تهديد ممثل السلطة للاجئين
ويضيف عثمان لـ المهاجر: بأن أيضًا مفوضية اللاجئين متواطئة مع الحكومة في النيجر في تعنتها ضد المهاجرين، ففي نهاية عام 2024 أوقفت المفوضية المساعدات الغذائية التي تقدم للاجئين في المعسكر تهديدًا لهم لإيقاف الاعتصام.
كما يظهر فيديو نشرته صفحة اللاجئين في النيجر خلال شهر يناير/كانون الثاني 2025، مجموعة من اللاجئين في المركز يتحدثون مع أحد موظفي المفوضية الذي يرتدي شارة تحمل رمز المفوضية، وبينما يطالبه اللاجئين بالجلوس للتحدث معه عن الأوضاع داخل المركز رد باللغة إنجليزية قائلًا: “لسنا تحت طلبكم”.
مخالفات متكررة
وبحسب حديث عثمان ليست تلك هي المرة الأولى التي تتخذ المفوضية إجراءات ضد اللاجئين في المركز، ففي عام 2022 هجمت قوة من الشرطة النيجرية المركز وأطلقت النيران وأصابت للاجئ مصعب محمد حماد آدم هو لاجئ وحاصل على وثيقة اعتراف كلاجئ، ورغم أنه مات نتيجة الإصابة في الرأس برصاص الشرطة، إلا أن ممثل مفوضية اللاجئين في النيجر أيمانويل جينياك قال إن اللاجئ في مخيم اغاديز التي وقعت في يوم 25/5/2022 ليست قتل برصاص الشرطة بل إنه مات بالحجر، وحاولت السلطة إجبار زوجته التوقيع على شهادة وفاة مزيفة بأنه قتل بالحجر.
وذكر عثمان ويوسف أن المفوضية بعد تلك الأحداث أوقفت كل الإجراءات، كتجديد طلبات اللجوء وإعادة التوطين وغيرها من الخدمات التي تتولاها.
كما أنه في نهاية عام 2019 توجه اللاجئين إلى الاعتصام أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في النيجر وفي صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني 2020 طالب والي ولاية أغاديز اللاجئين بفض الاعتصام، ومع رفض اللاجئين المغادرة فضت الشرطة الاعتصام بالقوة، ورحلت المعتصمين بالقوة إلى المركز الإنساني
وقبضت على 150 لاجئ من المركز واحتجازهم في معتقل وبينهم مصابين لم يتلقوا علاج. وحرقت السلطات المركز الإنساني، بحسب حديث عثمان لـ المهاجر.
خلال البحث عبر الإنترنت عن الوقائع السابق ذكرها المذكورة من اللاجئ، وجدنا مجموعة من التغريدات لـ سارة كريتا، وهي مصورة صحفية ومخرجة أفلام وثائقية وثقت الظروف الميدانية في حالة الهجرة القسرية وانتهاكات حقوق الإنسان، توثق عمليات القبض على اللاجئين الذين اعتصموا أمام مقر المفوضية في عام 2020، وتظهر عمليات التجمهر التي وقعت وقتها أمام مقر المفوضية.
#Sudan|ese refugees & asylum seekers still protesting outside @UNHCRNiger in #Agadez demanding to expedite their resettlement procedures & denouncing conditions in the UN desert camp located in the middle of the desert lacking “the simplest means of life” as well as education. pic.twitter.com/1taHPj3Cfb
— Sara Creta (@saracreta) December 23, 2019
وبحسب تغريدات سارة فمن غير المعروف كيف اشتعلت النيران في المخيم، لكن ممثل مفوضية اللاجئين في أوروبا سابقًا اتهم في تغريدة منشورة آنذاك اللاجئين أنهم من اشعلوا النيران في المخيم، بينما علق أحد اللاجئين أسفل التغريدة بأن فض الاعتصام كان بالقوة الغاشمة وصفا اليوم بأنه كان كارثيا وصاحبه بصورة للاجئين مصابين.
80% of the reception centre destroyed by a minority of refugees from Darfur in Agadez who only want to hear about resettlement to Europe. Destroying the asylum space in #Niger or elsewhere is easier than building & protecting it. It is a sad day for refugee protection in Niger. pic.twitter.com/Uf2nK6cxed
— vincent cochetel (@cochetel) January 4, 2020
- تغريدة ممثل مفوضية اللاجئين في أوروبا
حدود الاتحاد الأوروبي تبدأ من صحراء النيجر!
تغير نظام اللجوء في النيجر عدة مرات، وبحسب دراسة منشورة على OpenEdition Journals، هي منصة مجلات للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ففي عام 1997 اعتمد نظام لجوء يتوافق مع اتفاقية اللاجئين 1951 واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين، وفي عام 2001 أنشئت اللجنة الوطنية الأهلية لمراجعة طلبات اللجوء.
“وفي عام 2016، ومع توسيع الاتحاد الأوروبي نطاق برامج الحماية الإقليمية للاتحاد الأوروبي لدعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تعزيز حماية اللاجئين في البلدان الثالثة لتشمل النيجر، وانضم إليها مشروع صندوق ائتمان الاتحاد الأوروبي لأفريقيا في عام 2017. وقد دعم البرنامج الأول تعزيز نظام اللجوء في النيجر، وتحديد اللاجئين المحتملين ونقلهم إلى الوكالات الحكومية، وتقديم المساعدة.
ومول البرنامج الثاني آلية العبور في حالات الطوارئ، ومن خلال تمويل الاتحاد الأوروبي، أنشأت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مكتبًا وأنشطة تواصل ومساعدة في مركز الهجرة في أغاديز في عام 2017 لضمان الوصول إلى اللجوء والمساعدة “دون اللجوء إلى الرحلة الخطرة شمالاً”؛ وبالتالي، يدعم اللجوء استراتيجية مزدوجة للحماية والتثبيت في سياق “الهجرة المختلطة”، لأنه يمكن أن يقلل من وصول اللاجئين إلى أوروبا ويحمي اللاجئين المحتملين من المخاطر المتصورة للهجرة في الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.”
يتفق ما ذكرته الدراسة السابقة مع تقرير لمنظمة اللاجئين في ليبيا والذي تحدث عن تمويل الاتحاد الأوروبي للنيجر في إطار صندوقه الاستئماني للطوارئ في أفريقيا لإدارة تدفقات الهجرة،
وذكرت أن إجمالي التمويل الذي قدمه الاتحاد الأوروبي بين عامي 2015 و 2020، قرابة 1 مليار يورو من خلال برامج مختلفة تهدف إلى الحد من الهجرة غير النظامية عبر منطقة الساحل، مع تخصيص جزء كبير لـلنيجر.
تلقت النيجر، باعتبارها دولة عبور رئيسية للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا، 250 مليون يورو كتمويل مباشر لجهود مكافحة التهريب، والتنمية الاقتصادية المحلية، وإنشاء ملاجئ للمهاجرين مثل مركز أغاديز الإنساني.
وبمراجعة موقع الاتحاد الأوروبي على الانترنت يوجد عشرات المشروعات التي مولها الاتحاد الأوروبي في النيجر وفي معظمها متعلقة بالهجرة ومكافحة تدفقات البشر من الدولة الأفريقية إلى أوروبا
كما تذكر منظمة اللاجئين في ليبيا أن الاتحاد الأوروبي ضغط على النيجر لإصدار قانون 2015-36 الذي يتعلق بمكافحة شبكة التهريب، وفي إطار إنفاذ القانون حصلت النيجر على تمويل قدره 75 مليون يورو لتحسين الظروف في مخيمات العبور، مثل مركز أغاديز الإنساني، من خلال الشراكات مع المنظمات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة.
تحالف الأمم المتحدة مع الاتحاد الأوروبي
وفي السياق ذاته تناول تقرير صادر عن مشروع Melting Pot Europe (مشروع تحريري وتواصل اجتماعي ولد في عام 1996، وهو يروي ويحلل عمليات تحول ظاهرة الهجرة في إيطاليا وأوروبا، دون إغفال العلاقة الوثيقة بين البعد الكلي والعالمي للهجرة والتجذر. ضمن سياقات محلية محدد) أن وكالات الأمم المتحدة متمثلة في مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة أصبحا حليفان للاتحاد الأوروبي في مشروعه في توسيع الحدود الخارجية لأوروبا.
وذكر التقرير أن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قدمت مشروعًا بقيمة 2 مليون يورو إلى الحكومة الإيطالية، مما أسفر عن مذكرة تفاهم “بشأن تحديد ومراقبة المهاجرين واللاجئين في سياق الحركات المختلطة”.
كما حدد المشروع النيجر باعتبارها “المساحة البديلة الوحيدة لحماية وحلول طالبي اللجوء واللاجئين” في المنطقة الواقعة بين ليبيا والساحل، والتي تتميز بـ “وضع إنساني وأمني معقد للغاية” بحسب وصف التقرير.
ويضيف التقرير: أن أغاديز ظلت مركز الهجرة المهم لعقود من الزمان والتي تضم بالفعل “المركز الإنساني”، تُعتبر حجر الزاوية في هذه الإدارة. ورغم أنه في يناير/كانون الثاني 2020، هجر أكثر من 1500 شخص المخيم بسبب اليأس. واشتكوا من أن عمليات النقل كانت أبطأ بكثير مما كانت عليه في العاصمة نيامي، وأن المناخ والموقع جعلا الحياة في المخيم لا تطاق. لم يتم ذكر هذا الحدث في اقتراح التمويل، مما أدى إلى محو مطالبات المستفيدين المفترضين من المشروع من الحلول المؤسسية تمامًا. يبدو من السخف أن يهدف المشروع إلى تعزيز “التعايش السلمي” بين المجتمعات المحلية والمهاجرين، في حين كان المخيم ولا يزال معزولًا ويفتقر إلى أنشطة تكامل التوظيف للبالغين والأنشطة التعليمية للأطفال.
وردا على اعتصام اللاجئين على تردي الخدمات أصدرت مفوضية اللاجئين بيانًا في صباح السبت 25 يناير/كانون الثاني 2025، نفت فيه تردي الخدمات في المركز الإنساني وقالت إن المركز تقدم فيه خدمات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات، بينما يستمر اعتصام اللاجئين السلمي المطالبين فيه بالخروج الآمن من المخيم.